afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

قضية الصحراء أطراف النزاع وآليات الحل

الداخلة  نيوز: ابراهيم اعمار


ان نناول قضية من حجم قضية الصراع الدائر حول الصحراء يقتضي اليوم اكثر من اي وقت مضى- وضعها في اطارها الشمولي ، وذلك باستحضار الوضع السياسي العالمي العام، وما تعرفه الدول العظمى من تكتلات وتقاطبات.

يوجد الصراع في الصحراء في الوقت الراهن في منعطف خطير وحساس للغاية مما يجعله مرشحا لكل الاحتمالات بما فيها فرضية الحرب، ويدرك المنتظم الدولي خطورته لا سيما تحت ضغط الامم المتحدة.

ويتميز هذا النزاع حاليا بعدة عوامل منها. الوضع الذي تعيشه الدول المجاورة لبؤرة النزاع، اعلان المغرب معارضته الشديدة من التوجه الجديد لبعض موظفي الامم المتحدة القاضي بالعمل من اجل الاستفتاء واعتبره انحيازا للجزائر وحلفائها، كما يرفض التعامل مع الامم المتحدة إذا لم تلتزم بالاتفاق الذي بموجبه جاءت قوات المنورسو.

تلويح زعيم البولساريوا في مناسبات عدة  بالعودة الى الحرب، واجرى مناورات على حدود الجدار الامني.

اوجود المنورسو في مأزق الكركرات القطرة التي أفاضت الكأس. و اجود المنتظم الدولي عبر الامم المتحدة في مأزق حقيقي لنهج سياسة التوازن والحفاظ على الوضع الحالي، مع انه اخذ بعدا قويا في السنوات الاخيرة يمكن ان يحسم في اتفاق الاطراف على حل سلمي، ولكن هذا البعد لم يستغل الا في التوظيف السياسي للضغط على دول المغرب العربي النافذة في افريقيا للرضوخ لسياسة الشركات الاوروبية والامريكية للتنقيب عن النفط والغاز والذهب.

ويبقى السؤال البراق هل ستقع الحرب بعد نهاية ابريل القادم إذا عجز مجلس الامن عن تقديم مقترح يقنع الاطراف بالاتفاق من اجل الحل المتفق عليه؟، وهل تنويه البولساريوا بالحرب كفيل بتحريك المنتظم الدولي للضغط على المغرب لتقديم تنازلات اكثر من الحكم الذاتي او الجهوية الموسعة؟ ام يدخل ضمن الضغط على مجلس الامن لجعل استراتجية “الدفاع عن حقوق الانسان واستراتجية الدفاع عن الثروات تدخل في مهام بعثة المنورسو. وهذا شيئ يستبعده قانون اتفاق وقف اطلاق النار.

المعطيات المحيطة بالواقع تستبعد انفجار الحرب، لان الدول العظمى الراعية للنزاع لاترغب في نزاع مسلح جديد على ابواب اوروبا وفي منطقة اصبحت لايتحكم في شريطها الحدودي الذي اصبح بؤرة للارهاب والعصابات الاجرامية التي تتغذي من واقع الصراع الدائر بالمنطقة، في الوقت ذاته، يستحضر الواقع فرضية عدم ترخيس الجزائر للبولساريو بشن حرب حتى لاتجد نفسها منخرطة فيه، لانه من الصعب التنبؤ بنتائج الحرب اذا اندلعت. ولكن على ضوء الواقع والتطورات الدولية لايمكن استبعاد سناريوهات اخرى تمكن الاطراف من الاتفاق على الحل، لان اطراف النزاع متفقين على ضرورة حل النزاع ولكنهم مختلفين على تصنيفه. مع ان العالم يعيش تطورات مرعبة يعرفها الجميع، والمنتظم الدولي والامم المتحدة يدركون جيدا الآن خطورة الحرب على التوجه الاقتصادي الدولي نحو افريقيا. ويبقى السناريوا القريب الى الواقع هو تقديم مقترح يتطلب مراحل عدة عملا بواقع النزاع وتركبته المعقدة ومن الصعب ان يتعلق بمطلب الاستفتاء، بل مقترح من المقترحات التي وجدت ترحيبا دوليا مثلا: حكم ذاتي او جهوية موسعة في الصحراء، تعطي الانطباع للمغرب بانه لن يفقد وحدته مع ان مشروعه الحكم الذاتي قد تلق تأيدا دوليا بانه الحل المناسب وصيغة وسطية توفيقية، لكن طبيعة الادوات التي تشتغل بها الدبلوماسية المغربية وآداها زاد في الثقة في النفس بان المغرب في ارضه احب من احب وكره من كره، بما يؤكد ان سيادة المغرب على اراضيه “قضيته عادلة بمحام فاشل”. ويمنح الامل للبولساريوا بانه حقق شيئ للمستقبل وتفادى حرب في نزاع اثبت التجربة ان الخيار العسكري فشل تارخيا في اجاد حلا له، ويعلم ان ليس هناك دائما خصوم او اصدقاء ابديين في ممارسة السياسة.

والخلاصة إذا. هي ان الخطأ الذي سقط فيه روزا لكسمبورغ، والقائم على الخلط بين مفهوم الدولة الوطنية (الذي لايتعدى السيادة الوطنية)، والتحرر الاقتصادي، هو نفس الخطأ الذي وقعوا فيه اليوم اصحاب مطلب تقرير المصير، عندما لم يميزوا بين التحرير السياسي للصحراء وتحريرها الاقتصادي. إن هذا التميز بين العامل الاقتصادي والعامل السياسي في المسألة الوطنية، واضح تماما مثلا في الطريقة التي تعامل بها الصينيون مع مسالة هونكونغ. فهم عندما ارادوا استرجاع هذه الجزيرة الى السيادة الوطنية، لم يشترطوا على الانجليز ضرورة تغير النظام الاقتصادي للجزيرة اي تحوله الى نظام اشتراكي مشابه للنظام القائم في جمهورية الصين الشعبية، بل لقد قادوا مفاوضاتهم مع الحكومة الانجلزية على قاعدة هذا المبدأ: ((بلد واحد ونظامان اقتصاديان اثنان)). وهذا معناها بكل بساط، ان مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل لتصفية النزاع وفق اسس سلمية، وموضوعية وغير انشائية يراعي مصالح جميع الاطراف وطبقا لما تمليه الشرعية الدولية. ومع هذا الحكم الذاتي لم يكن الحديث متوقفا عند مطلب إقرار لامركزية متقدمة ولا عن اختصاصات لامركزية موازية، بل تعداه الى اقرار سلطة محلية قائمة الذات، باركانها وهيئاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية. على المغرب ان لا يضيع الوقت وان ياخذ المسالة بجدية امام كل الصحراويين، ويأخذ بعين الاعتبار مسالة تصحيح الاوضاع حقوقيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا عبر تفعيل المسلسل داخل الاقاليم المتنازع بشأنها. فمن هنا ندعوا قيادة البولساريو التي التفكير الاجابي والاحتكام الى سلطة العقل في اخراج الصحراويين من هذا الواقع المظلم والنفق المسدود، واشراكهم في بناء وطنهم بحكم انه لم يعد هناك اي مقترح بناء سواه لانه منفتح على الاخر ،ويرفض الضم الشامل، كما يرفض الانفصال الضيق والعنيف، وبهذا المشروع يكون المغرب قد تنازل عن حقوقه الى ابعد حد ممكن من اجل فض النزاع بطريقة سلمية لاغالب ولامغلوب.
كل الاحتمالات المطروحة واردة وإن كان بنسب مختلفة. لكن يبقى، الاكيد ان النزاع اقترب من مراحله الاخيرة، وعليه، فالحل لم يبقى عليه سوى سنوات قليلة بعد اربعة عقود من الزمن.. حان الوقت ان يصفر الحكم لنهاية “الماتش”.


شاهد أيضا