 |
محمد سالم الزاوي |
الداخلة نيوز: محمد سالم الزاوي
قبل أيام أعجبني عنوان مقال على صفحة أحد الصحفيين بجريدة الأخبار يقول "لم يعد ببلادنا عمال غير عمال صاحب الجلالة". مقالة تلخص بشكل واضح حالنا مع رجال وزارة الداخلية الذين يستغلون إسم الملك لتخريب الجهات والاقاليم الواقعة تحت سلطتهم. ولأننا في زمن يتحالف فيه الإخونجية مع المخزن للعودة بأثر رجعي لسنين البصري الحالكة، فلا غرو أن يحاكم صحفي معروف بجريدة حزبية لمجرد إبداء رأيه حول مؤسسة الوالي والعامل التي تعيث في الارض فسادا وتتموقع فوق المحاسبة ضمانا لهيبة وزارة البصري التي كانت ولاتزال صمام الديكتاتورية بالمغرب.
ولأني اليوم لست بصدد الحديث عن والي الجهة الذي يبدو أنه يعيش هذه الايام سباقا مع الزمن للإغتناء السريع من أموال الشعب والذي سنخصص له في قادم الايام مقال برهانيا يظهر ما ضاع و يبين ما سيضيع في جلباب المسؤولية الريعية للسيد الوالي. فأستوقف حصرا هذه المرة عند عامل إقليم أوسرد الذي عبر حدود أم الوزارات بعد عطفة "مشبوهة" من ذراع الوزارة المتنفذ وزوج مرشحة رئاسة الجهة التي لعب معها دورا خبيثا لقلب موازين الصناديق وغربلة الشرعية لوطئ الجميع تحت بوط التحكم وعجلة التسلط.
واليوم وبعد سنوات قليلة من الإسترخاء في الداخلة والتمتع ببعد الرقابة والإحساس بدفئ إنعدام المحاسبة عاد الرجل لعادة أسلافه من عمال الوزارة الأم ليقطع عهد "السابقون السابقون" من أمثاله ويخوض في حقوق الناس مستغلا نفوذه وسلطته المطلقة التي لا يحدها قانون ولا يزجرها سامون. فكما أوضحنا في جريدتنا المحترمة قبل ايام فقد إكتشفنا بمجهودنا الخاص أن هناك بقعتين شاسعتين تم منحهما من بركات العامل لرجلين من طاقمه عطفا على مجهودهما الخارق في إحاطته بالتقديس على شاكلة سياسة المعابد بالداخلة التي إكتشفها رئيس البلدية وطورها والي الجهة الحالي لتصبح عرفا مشهودا بمدينتنا المنكوبة.
ورغم أن الإقليم هذه الايام يجري لغير مستقره مع زيادة الإحتقان وانقلاب الناس على الفساد الذي ينخر منتخبيه ومسؤوليه وعلى رأسهم سلطة العامل الذي زخرف صور عمالته بأفواج المحتجين الذين يبيتون في العراء طلبا للإنصاف. ولأننا أبتلينا بمسؤولين يمتطون جياد الرفاهية ويحذون حذو التعاليم البورجوازية حذو النعل بالنعل. فلا غرابة أن نرى عامل "كولف" جديد متفاهم ومتجانس مع صديقه الوالي في التآمر على المواطن البسيط لنهب خبزة فرنه ووضعه على صفيح التهميش ليغلي بعيدا عن راحة سيادتهم ودون إزعاج مقامهم بالضجيج والجعجعة.
إن من أكبر عوائق تقدم مغرب اليوم هو تلك السلطة المطلقة والمفسدة المربحة التي أعطاها المشرع للولاة والعمال ليقهروا بها الشعب ويفترسوا حقوقه بإسم قداسة هيبة وزارة الداخلية التي لازال يرفض وزيرها التيكنوقراط أي مزايدة على رجاله القديسين أينما حلوا وأرتحلوا. وبالداخلة خصوصا والصحراء عموما لايزال الوضع كارثيا منتقلا من السئ نحو الأسوء في ظل عدة مببررات سوسيوتاريخية من شأن أي عامل أو والي إستغلالها لذبح الناس بسكين التهميش والتجويع واللوذ عن نفسه بهراوة المخزن وتقارير أجهزته الصادرة على المقاس. فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر "التهمة الإنفصالية" سنجد أن ولاة سابقين بالداخلة وعمال أمعنوا في تغويل المواطن الصحراوي وجره لحبل القضاء والسجن بإسم تلك التهمة موهمين الوزارة ببعبع اللاإستقرار الذي ظل بالنسبة لهم بقرة حلوب لا يجف ظرعها ولايحاسب سارقها.
إذا وكما أردفنا فإن حال إقليم أوسرد هذه الأيام لا يبشر بخير وحال بنيته التحتية المحسوبة على مدينة "أمهيريز" الحديثة الولادة تلخصها علاقة العامل وأحد المقاولين الخبيرين في إفساد البنى التحتية وعقد الصفقات من أسفل الطاولة. ولعل ما كشفناه من وقت سابق من ألاعيب في هذا الجنب يلخص بشكل كلي ما تجره على المنطقة سياسة العامل المذكور وطاقمه الجشع.
لازلت أتذكر قبل أسابيع ذلك الكم الهائل من المواطنين الذين وجدوا انفسهم بقدرة الحاجة لمسؤول يستمع لشكواهم ويرد على أنتظاراتهم واقفين في طابور طويل إنتظارا لمواعيد قطعها لهم العامل المذكور. ولازلت أذكر كذلك كيف تصرف الرجل بطريقة لامسؤولة وتسلل من الباب الخلفي للعمالة تاركا الجموع في حرقة الإنتظار تشوى. ضاربا بذلك عرض الحائط مسؤوليته التي وضعها على عاتقه القانون والملك حين جلبه من موظف مغمور بإحدى إداراة المالية جهويا الى عامل على إقليم أوسرد. ولأننا نتعامل مع رجال محنكين بعقلية وزارة الداخلية وسلطتها البصرية فإن جريدتنا لم تسلم من تسلط الرجل حين نهرنا في إجتماع سابق بسبب موضوع "نزوح جماعي" بمهيريز. مفندا الخبر دون أن يكلف نفسه بالتحقيق في حقيقته التي لا غبار عليها.
إن وجود أمثال هؤلاء العمال الذين يسيئون لصورة الملك و "يمرمدون" وجه المغرب داخليا وخارجيا لهم أخطر من الإنفصال وحركاته. فمن يبحث بتجرد عن المتسببين في كل إحتقان وفساد وزعزة للإستقرار سيجد خلف ستارها سلطة الوالي أو العامل. وعاملنا المذكور ليس بمعزل عن تلك العقلية البصرية التحكمية. والتي لعبت دورا بارزا في محاولة رد الجميل للمتسبب في تعيينه بالتآمر على الرئيس الشرعي للجهة خلال الإنتخابات الجماعية الاخيرة. وأتبعها بسيل من المتاجرة في البقع وبطائق الإنعاش منهيا حسن تدبيره بما جرى خلال توزيع المنازل على "الأقربين" و "المهادنين".
أوسرد يستغيث هذه الأيام كما تستغيث الداخلة قبله من سلطة عامله الباعث الاول على تأجيج الإحتقان وضرب الإستقرار الإجتماعي بالإقليم. وكما كنت أقول دائما فالصمت عن تلك النظائر من الساسة المسؤولين هو ضرب من الشيطنة، لذلك وجب رفع تحذيرنا لمن يهمه الأمر.
وإن لم يكن في المستطاع محاسبة هؤلاء الفاسدين فلتقاسمونا فسادهم على الأقل "ومريضنا ماعندوا باس.."