 |
محمد سالم الزاوي |
الداخلة نيوز: محمد سالم الزاوي
"إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه الى مظلوم بهذا العالم، فأينما وجد الظلم فذاك وطني.. تشي جيفارا"
منقول عن صفحة الشهيد أبراهيم صيكا..
لاعلاقة تربطني بشهيد الكرامة والإباء "إبراهيم صيكا" غير بعض الرسائل المتبادلة في أثير العالم الإفتراضي، لكن العلاقة الواقعية كانت أكبر وأعمق، أكبر لأنه عندما كان يصرخ ضد الإستكبار والغطرسة كان يفعل ذلك بإسم كل من يريد حقه في بلده الذي شاء الله أن ينشئه فيها حرا غير عبد، وأعمق لأن منطلقات جهاده ونضاله هي نفسها المنطلقات التي تملأ هذا الرعيل، فنموذج الشهيد نائم في كل شباب المنطقة ينتظر دوره في قافلة النور، من لم يرى نفسه في الشهيد فهو غير منصف مع عقله وقلبه ووجدانه، يكون ظالما لنفسه ولكل حر في بلده، كيف لا ونحن نرزح تحت الظلم والفساد والإسترقاق والإسترزاق، ولانرى أن من يحاول إشعال شمعة في هذا الظلام الدامس قد فضح الوضع وعرّاه وكشف زيف قول الحكام المتغطرسين والجاثمين على أنفاسنا ليل نهار. الكاتمين أصوات الأنين ودوي الصراخ الصامت..!!
نعم قد يقول قائل أن الأيديولوجيات تختلف ولكن الروح واحدة نفسها عند كل باحث عن الكرامة الإنسانية ، البائس الحقير هو من يثير موضوع "نطحة الشعيبية" والشهيد لم يسجى بعد في قبره، وقد يكون البحث والتدقيق عن مكامن الإختلاف نوع من إهانة الكينونة الغنسانية في هكذا موقف! لا بل أكثر من ذلك إهانة لله عز وجل وهو عز من قائل يقول: ولقد كرمنا بني آدم... فلتخرص كل أبواق العالم المأجورة في حضرة الحي الذي لايموت قاهر الجبارين ومبيد العتاة المجرمين الظالمين، إن أسوأ مكان في جهنم هو لأصحاب الأقنعة الميّالين مع الريح حيثما مالت.
نعم كلنا إستشهدنا بشهادة إبراهيم صيكا الذي كل ذنبه أنه أراد حقه من كعكة وطن نهشتها بنوك سويسرا وفرنسا وأمريكا وبنما. أراد أن يجد مكانا له ولغيره من المحرومين في حضن هذا الوطن البارد، إستشهد هو مرة واحدة ومضى في قافلة المجد والخلود وتركنا بين شهيد في الظل وقتيل في الذل.
من يقول عاش الحكام سيتوقف قوله المنافق بفنائهم ومن يقول عاش البلد سيقولها دائما حتى بعد فناء كل من عليها، ونحن بينهما مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وذلك لعمري هو الخذلان المبين.
اليوم حسمت مراسيل الشهداء لتواري كل جدل، لم يعد مجدي إقناع الشاة أن الذئب كلب القطيع وحاميها، ولم تعد تنطلي على أحد تلك الحبكة المملة والمعادة في كل حالة ألم موجع، فما عادت تنطلي علينا صلاة وقداس الأبالسة. ألا تكفي أموال بنما لتوظيف كل العاطلين!،، دع عنك أموال بنما، ألا تقر المواثيق الدولية على إستفادة أبناء المنطقة من ثرواتهم، بالله عليكم وحدة تجميد واحدة يقدر صافي أرباحها سنويا بأكثر من عشرين مليون أورو، ألا تكفي لتوظيف كل العاطلين والمعطلين (وإشيط الخير على أزعير)، ما فائدة ستة دراهمكم وعشرتها وتدبير إنفاقها إذا لم تحفظ للمغاربة كرامتهم وعيشهم الكريم.. خذوا دراهمكم فإنها لا تنفعنا في رد الموت المحتوم.
لم يمت الشهيد بل قتلوه في كل الحالات، قتلوه عندما أخبروه أنه مواطن لكن مع وقف التنفيذ! وقتلوه عندما أقروا بمنظومة واسعة من حقوق الإنسان وصدوا عليه الأبواب وهو يلزمهم بما ألزموا به أنفسهم!.. قتلوه عندما أخبروه أنه أهلا ليحوز قطعة من وطنه وفاجأوه بجشعهم!!.. قتلوه جهارا نهارا وأرادوا توهيمنا أن لون الدم غير قاني!!
أعدت إجترار كل منشوراته في موقع التواصل الإجتماعي فما وجدت غير إنسان مؤمن له قناعاته التي يتبناها ولا ينافق مجتمعه وبلده كفرد منه تهمه المصلحة العامة له وللأجيال القادمة، إختار الوقوف بصف المظلومين وبوضوح وجرأة وإقدام قل نظيرهم.
كل تلك التبريرات الرسمية هي مسرحية كوميدية تراجيدية وكل ذلك الأسف هو قناع لبهلوان يضحك منه وعليه الصغار في الحضانة. وحتى تعليق وزر موت الشهيد بتعذيب الشرطة القضائية فهو ضحك على الذقون. ما منعه من حقه وما قتله وما عذبه غير أصحاب الأبراج العاجية الذين يطلون علينا من أزمة سياسية ودبلوماسية إلى أخرى ويتباكون على وطنهم الراعي والحاضن لمزارعهم ونحن مجرد قطيع داجن وسطها. ولن تنطلي علينا تلك الخرجات الفيسبوكية المصطنعة والتويترية المتوترة في تحليقها وتلك الرهبانية المبتدعة... يقتلون القتيل ويتباكون في تشييعه!
أنتم أيها السادة الجالسون على جماجمنا من قتلتم الشهيد "إبراهيم صيكا"، وانتم وحدكم من تتحملون مسؤولية الجريمة التاريخية.
عند فجر كل يوم جديد أزداد إقتناعا بأننا مجرد خراف منزوعة الكرامة خصوصا في هذا الجنوب الأصفر إصفرار رماله الملعونة، أزداد يقينا بأننا مجرد أشباح آدميين عالة على تلك الزمرة التي تريد خيراتنا بالمجان دون أن ننبس بنبتة سن، يريدوننا بلا إرادة ولا ضمير وقوم مؤلفة قلوبهم نصلح للمقايضة عند الحاجة وبعدها نقذف في بوتقة الحرمان والتجويع والفقر. وحتى أولئك المتباكين على "مي فتيحة" وهي جريمة أخرى ندينها لبشاعتها لكنها جريمة وضعت في أعلى الرفوف، لأنها ببساطة أغلى وأشرف وأرفع في نظر صحفنا الوطنية ورأينا العام من "صحراوي منافق" مات قهرا تحت سياط جلاده.
إنها معادلة يظهر فيها حجم المسافة بين الأسمى والأدنى والأشرف والأخس في مواطنة اليوم التي يظهر فيها حجم التفاوت بين جنوب مفقر ومنسي وشمال موضوع تحت رادار الرأي العام، حتى أضحت حادثة مشاجرة تافهة بين فنانة "متغطرسة" ومواطنة أهم من روح بشرية ذنبها أنها طالبت برغيفها المنهوب في سلة بطون الحرام.
ختاما لا يسعنا إلا الصراخ بأعلى أصوات التنديد، في زمن يحمل معه أمثالي من المعطلين صورة حية لــ "أبراهيم صيكا"؛ الشهيد الذي وجد نفسه جائعا وهو حي يرزق فأختار الموت وهو جائع. وعند الله سيتخاصم الجمعان.
المجد والخلود للشهداء والذل والعار للجبناء
اللهم إني صرخت. اللهم فاشهد..!!